شبكة المعلومات الجديدة

http://www.aldanahnews.ml/


"اليوجا" في يومها العالمي.. هل هي فرعونية؟.. فتوى قديمة تحرّمها.. وسفير الهند: "تتسق مع روحانيات رمضان"






تعد اليوجا، التي يحتفل العالم اليوم (21 من يونيو) باليوم العالمي لها، إحدى أكثر الفلسفات والرياضات انتشارًا، وذلك بعد أن غزت العالم انطلاقًا من موطنها بالهند إلى غيرها من البلدان، حتى أنه لا تكاد تخلو دولة من مراكز للتدريب عليها وممارستها.

ولليوجا تاريخ سحيق يرجح أنه يعود لخمسة آلاف عام، ويرتبط بإحدى أقدم الديانات في العالم وهي الديانة الهندوسية. فهي – كما تقول موسوعة المعارف البريطانية- واحدة من النظم الستة للفلسفة الهندية، وترتبط بشكل كبير – باستثناء وحيد وهو أنها تفترض وجود إله- بفلسفة السماخايا الهندية.

يعتقد الهندوسيون في وجود إله هو جوهر الكون، المعروف ببراهمان، لذلك تأتي اليوجا كوسيلة للتوحد مع هذا الإله، أو التوحد مع الكون، الذي يحل براهمان في كل شيء فيه، وذلك بحسب التعريف اللغوي للكلمة "يوجا" التي تعني في اللغة السنسكريتية، الهندية القديمة، التوحيد أو التوحد.

وبحسب الأساطير الهندوسية فإن بعض الهندوسيين يعتقدون أن مخترع اليوجا هو الإله "شيفا" الذي اخترعها حين كان وحيدًا في جزيرة، فاتخذ الشكل المعروف حيث يجلس الشخص واضعًا كفيه على ركبتيه.

وتنقسم اليوجا إلى 8 مراحل، تؤدي بالتدريج إلى الغرض الأسمى وهو تخلص الروح من أسر المادة، وتحررها من "البراكريتي" وهو الكلمة التي تعني الطبيعة، ويقصد بها العوامل المادية جميعًا.

المرحلة الأولى من اليوجا هي مرحلة "ياما" وهي مرحلة روحية تهدف للتخلص من كل من: العنف، الكذب، الأنانية، الشهوة، والجشع. أما المرحلة الثانية فهي أيضًا مرحلة روحية تهدف للاسترخاء، التعلم، التقشف، والإخلاص للإله.

المرحلة الثالثة هي مرحلة "أسانا" وهي المرحلة التي تقوم على بعض التمارين البدنية التي تهدف إلى جعل الجسم مرنًا، وتتشابه معها المرحلة الرابعة "برانياما" وهي التي تدخل فيها تمارين تنظم التنفس التي تساعد على الاسترخاء.

والمرحلة الخامسة "البراتيارا" تسعى للوصول إلى درجة أعلى من النقاء من خلال السيطرة على الحواس بتمرينها على عدم التفاعل مع المحسوسات، وهو الذي يؤدي، حسب الفلسفة الهندوسية، إلى الانفصال عن الماديات للتوحد مع الجوهر. أما المرحلة السادسة "دارانا" فهي نوع من التدريب العقلي تهدف إلى التحكم في العقل من خلال التركيز على أشياء معينة لفترة طويلة، وهذه المرحلة تصل إلى غايتها القصوى في المرحلة التالية "دايانا" التي تعني بلوغ مرحلة عظيمة من السيطرة على العقل.

والمرحلة الأخيرة "صامادي" هي المرحلة التي يكون الشخص قد حقق الدرجة القصوى من السمو، والتي تعني سيطرة كاملة على النفس، وانفصالًا كاملًا عن المادة للتوحد مع جوهر الكون، وهي تشبه إلى حد ما الغرض من التصوف الذي انتقل إلى الدين الإسلامي على سبيل المثال.

غير أن هناك من يشكك في نسبة هذه الرياضة، أو الفلسفة، للحضارة الهندية، على رأسهم الباحث الأمريكي ذو الأصول الأفريقية مواتا آشبي الذي ذهب إلى أن اليوجا هي رياضة مصرية.

ويدلل آشبي على هذا الرأي في كتابه "يوجا المصري" بالنقوش التي اكتشفت على عدد من جدران المعابد والمقابر المصرية، التي تصور عددًا من الحركات المطابقة لبعض الحركات التي يؤديها ممارسو اليوجا اليوم.

وبالرغم من هذه الآراء التي تذهب لانتماء هذه الرياضة للحضارة المصرية فإن اليوجا كما تصلنا اليوم قد اتخذت طابعًا هنديًا كاملًا. لكن اليوجا التي حققت هذا الانتشار ليست هي اليوجا بشكلها الأصلي؛ فمع مرور الوقت تشكل نوع من اليوجا يعرف باسم "هاثا يوجا".

هاثا يوجا هي الشكل المعروف الآن والذي يمارسه غالبية هواة هذه الرياضة على مستوى العالم، ويدمج هذا الشكل بين بعض المراحل من المراحل الثمانية لليوجا، ساعيًا لأغراض نفسية وبدنية في الوقت نفسه.

هذا بالطبع إلى جانب الركن الفلسفي، الذي يستقى بشكل كبير من كتاب "يوجا سوترا" الذي يعتقد أن كاتبه هو الفيلسوف الهندي باتنجالي، الذي كتبه قبل 2000 عام، ويضم عددًا من النصائح التي بها يحظى الإنسان بحياة أفضل.

بعد أن انتشرت اليوجا في كافة أنحاء العالم، بدءًا من دول أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية، في بدايات القرن العشرين، ثم دول الشرق، سعى محبو هذه الرياضة لأن يخصص يوم عالمي للاحتفال بها.

بدأت هذه المساعي في 1999 عندما قرر الهندي المقيم بالولايات المتحدة جاجات جريو تدشين حركة "اليوم العالمي لليوجا" في مدينة نيويورك. وبعدها بعامين فقط بدأ محبو اليوجا بالسعي نحو تحقيق هذا الهدف، ليقدموا في 2011 طلبًا لمنظمة اليونسكو بإعلان يوم 21 يونيو من كل عام يومًا عالميًا لليوجا.

غير أن عقبة كانت تقف في طريق تحقيق حلم محبي اليوجا، وهي موقف الهيئات الدينية الممثلة للأديان الإبراهيمية من هذه الرياضة؛ حيث واجهت هذه الرياضة هجومًا من الهيئات الدينية المسيحية والمسلمة على حد سواء.

فبعد انتشار اليوجا بقوة في أوروبا، ثم ارتباط بعض مدارسها بعد ذلك بما يعرف بـ"علم الطاقة" حذر بابا الفاتيكان من هذه الرياضة تحذيرًا شديد اللهجة. ولم يتوقف الأمر عند الفاتيكان، ففي سبتمبر 2004 أصدرت دار الإفتاء المصرية فتوى تحرم رياضة اليوجا مبررة ذلك بأن "اليوجا من طرق التنسك الهندوسية، ولا يجوز اتخاذها طريقًا للرياضة أو للعبادة"، واصفة ممارسة هذه الرياضة بأنها تندرج تحت "باب التشبه المنهي عنه شرعاً".

وفي 2008 أصدر المجلس الوطني للإفتاء بماليزيا ذات الأغلبية المسلمة فتوى تحرم اليوجا مبررًا ذلك بأن بها "صلوات هندوسية قد تؤثر على عقيدة المسلمين". هذه الفتوى أثارت جدلًا واسعًا في الشارع الماليزي دفعت المجلس للتراجع عن هذه الفتوى مشددًا على أن يكون الأمر مجرد ممارسة رياضة حركية، وهو ما صرح به رئيس الوزراء الماليزي.

ليس ذلك فحسب، بل بلغ الأمر أن تقدم مواطنون أمريكيون ببلاغات ضد بعض المدارس التي قررت تعليم اليوجا للأطفال؛ مبررين ذلك بأنه تعليم اليوجا يعد مخالفة لقوانين الدولة التي تنص على علمانية التعليم، فيما تعد اليوجا – حسب أولئك المواطنين- تعاليم دينية. غير أن هذا الهجوم لم يلق نجاحًا بعد أن رأت السلطات أنها مجرد رياضة وليست شعائر دينية.

ورغم هذا الهجوم نجحت الهند، بدعم من 177 دولة، في ديسمبر 2014، في الحصول على قرار من منظمة الأمم المتحدة بتحديد يوم 21 يونيو من كل عام يومًا عالميًا لليوجا.

يذكر أن سفارة الهند بالقاهرة تحتفل بدءًا من اليوم، وحتى الجمعة 23 يونيو الجاري باليوم العالمي لليوجا، وذلك عبر عدة فعاليات بثلاث محافظات هي: القاهرة، الإسكندرية، والإسماعيلية. وكان سانجاي باتاتشاريا، سفير الهند لدى القاهرة، قد قدم الشكر للسلطات المصرية لمساعدتها في إقامة الفعاليات، قائلًا إن "ممارسة اليوجا خلال شهر رمضان تعكس الوحدة بين البشر، وتتمشى مع ما يتسم به الشهر الكريم من روحانيات وصلوات ولحظات تأمل".

ليست هناك تعليقات