مثقفون وباحثون مغاربة وعرب يدعون لوقف كل أشكال العنف ضد الإنسانية
من زكية عبد النبي
الرباط (رويترز) - دعا مثقفون مغاربة وعرب يوم السبت في الرباط إلى وقف العنف في المنطقة العربية وفي العالم وركزوا اهتمامهم على العنف المبني على الأيديولوجية الدينية والسياسية.
وأشاروا إلى أن أغلب أشكال العنف في العالم العربي قائمة على أساس ديني أو ما سموه "العنف المقدس" بالرغم من أن "روح الدين" متسامحة وتدعو إلى التعايش.
وقال المفكر العراقي عبد الله إبراهيم الذي أعطى مثالا بالعراق في مداخلته "العنف قائم إما بحثا عن الإشهار أو دفاعا عن التهميش والإقصاء".
وأضاف على هامش ندوة تنظمها مؤسسة (مؤمنون بلا حدود) الفكرية الثقافية المغربية المستقلة يومي السبت والأحد بالرباط أنه لم يسبق في أي فترة من فترات القرن العشرين وبداية القرن الواحد والعشرين أن "احتفي فيها بزعماء العنف في العراق كما في هذه الفترة".
وقال إن العنف في العراق عبارة عن "كرنفال يحتفى فيه بالقتلة والمقتولين وهذا أمر خطير".
ودعا إلى "جيل جديد من العرب والمسلمين يبتكرون مرجعيات خاصة بهم في العنف الذي عرفته وتعرفه المنطقة العربية لظواهر من ابتكارها". واستطرد قائلا إن المفكرين العرب لا يمكن أن يرجعوا في كل مرة تفسيرات ظواهر العنف إلى مفكرين غربيين كالمفكرة الألمانية حنا أرندت التي استندت إلى النموذج النازي والسوفيتي الستاليني لتفسير ظاهرة العنف "مع أن العنف في العالم العربي له خصوصياته".
وقال إبراهيم لرويترز على هامش مداخلته "نحن لدينا مظاهر ونوع من العنف له أسبابه غير الأسباب التي ظهرت في أوروبا".
وقال إن أغلب أشكال العنف مبنية على أساس ديني أو بالأحرى على "تفسير خاطئ للدين".
وأضاف "حينما نأتي إلى معالجة أسباب وتحليل أو تفكيك هذه الظواهر بدل أن نقترح نظاما مرجعيا نابعا من الظواهر التي نعيشها ونشغل بها في منطقة الشرق الأوسط والعالم الإسلامي نستعين بمرجعيات جهزها لنا الآخرون بالرغم من أنها مهمة بذاتها لكنها قد لا تنطبق وتحدد لنا الحلول التي نحن بحاجة إليها".
وقال "الحل لكل مظاهر العنف والصراع هي إحلال الشراكة الاجتماعية محل التفاوض وينبغي النظر إلى الإنسان باعتبار إنسانيته وليس باعتباره رمزا لمذهب أو ممثلا لعرق أو جزءا من طائفة أو قبيلة... يجب قبول الآخرين كما هم بوصفهم كائنات إنسانية نتشارك معهم في الوطن وفي الدين وفي المذهب... وآنذاك لا حاجة للصراع".
ومن جهته استند الباحث المغربي في الفلسفة العربية المعاصرة رشيد العلوي في مداخلته على نظرية حنا أرندت في تفسير العنف وعلاقته بالسياسة.
وقال "العنف بالنسبة لأرندت ظاهرة من ظواهر القرن العشرين لأنه قرن الحروب والثورات".
وأضاف أن العنف هو "سلاح المستضعفين بحيث لا يمكن مقاومة الاستعمار إلا بالعنف الذي يقابله عنف مضاد".
وقال إن أرندت ترى أنه "ليس هناك شر مطلق أو جذري كما يقول الفيلسوف كانط".
وأكد العلوي على تنامي الخوف من العنف في العالم اليوم بسبب تضافر عدة عوامل أبرزها عامل التقدم التكنولوجي والتطور العلمي وقال "الخوف من العنف هو في حد ذاته عنف... فكلما تقدمت البشرية نحو الأمام توجسنا مما يمكن أن تصل إليه البشرية وخفنا من العنف".
أما مصطفى العارف أستاذ الفلسفة في جامعة ظهر المهراز بفاس المغربية فقد ركز على "العنف من أجل العنف" أو ما يسميه الفلاسفة "العنف الجذري أو المطلق" أي أنه "عصي على التصنيف لا سياسيا ولا قانونيا... وهو ما يطلق عليه القانون الدولي جرائم ضد الإنسانية".
وأشار إلى عدد من المذابح والإبادات الجماعية التي عرفها العالم في القرن العشرين "كمذابح الأتراك ضد الأرمن ومذابح الإسرائيليين ضد الفلسطينيين ومذابح الهوتو في رواندا ضد التوتسي... فهو عنف لا يمكن إخضاعه للقانون الجنائي لأن تطبيق العقاب فيه يصبح تافها غير ذي معنى".
وأشار أيضا إلى أنه في حالات "الشر الجذري يصعب تحديد المسؤوليات ومن هنا تتشتت هوية المذنب ويصعب تحديد المسؤولية... كل شيء كان متاحا ومسموحا به... ما حصل أن الشر الجذري الذي لا يقبل أي معايير أخلاقية وإنسانية يصبح عنفا من أجل ذاته لا يقبل التكفير ولا المحو ولا الإلغاء ولا الوصف... شرا مطلقا مستطيرا لا يمكن لمرتكبيه أن يعتذروا وبالتالي لا يقبل الصفح".
وعاد العارف إلى تجربة المغرب في طي ماضي انتهاكات حقوق الإنسان في الفترة من 1956 إلى 1999 فيما يعرف بجلسات الاستماع العمومية لهيئة الإنصاف والمصالحة وكذلك تجربة الحقيقة والإنصاف في جنوب أفريقيا.
وقال إن الصفح هنا "غريب لأنه متوافق عليه بين الجلاد والضحية".
وأضاف كيف يمكن للصفح أن يتم في إطار غياب الجانب السيكولوجي لأن "الوحيد المخول له الصفح هنا هو الضحية لكنه مات وبالتالي يصبح صعبا جدا".
واستنتج أن "هذه التجارب التي تدور في دائرة الصفح تكاد تلامس المستعصي والعصي والمستحيل
التعليقات على الموضوع