شبكة المعلومات الجديدة

http://www.aldanahnews.ml/


أكثر المخدرات انتشارًا في العالم- الجزء الأول





موضوع اليوم يأخذنا لعوالم سحيقة سوداء وغامضة، فعلاقة معظمنا بالمخدرات لا تتجاوز ما نعرفه عنها من خلال المطالعات العامة وما نشاهده عبر الافلام والمسلسلات أو من خلال القصص المأساوية التي نسمعها عن المدمنين في محيطنا، لكن قليلون فقط – وأغلبهم من المتخصصين – هم من يعرفون حقًا ماهية هذه المخدرات ولماذا هي شر يجب الابتعاد عنه بأكثر مسافة ممكنة…

في هذا الموضوع سنتناول عشرة أصناف من المواد المخدرة هي الأكثر انتشارا على مستوى العالم ككل، لكن قبل ذلك علينا أن نتفق ماذا نعني بكلمة مخدر؟!


عندما نتحدث عن المخدرات فنحن لا نعني المعنى اللغوي للكلمة، فكما ستلاحظون من خلال هذا الموضوع أن كثير من المخدرات التي “سنتناولها” ليست مخدرات أبدا وإنما هي منشطات، أي أنها لا تخدر الجسم أو تثبطه بل على العكس تثيره وتحفزه ، لذلك ما نعنيه بالمخدرات هنا هو المعنى الاصطلاحي أي هذه المواد الكيميائية التي تؤثر على فيزيولوجبا الجسم – وبخاصة الجهاز العصبي – تخديرا أو تنشيطا وتتسب لمتعاطيها بالإدمان سواء كان الإدمان البدني (أي أن وظائف الجسم لا تستطيع العمل بشكل طبيعي بدون المادة المخدرة) أو الإدمان النفسي (أي أن المتعاطي يشعر بالحاجة الماسة إلى المادة المخدرة حتى دون أن يكون جسمه في حاجة لها) …

الجدير بالملاحظة أننا إذا اعتمدنا التعريف أعلاه فسنجد أننا أمام مواد كيميائية ينطبق عليها التعريف ولكننا لا نطلق عليها مسمى مخدرات؛ كالنيكوتين مثلا والكحول بل وحتى الكافيين .. وبالتالي يظهر أن التعريف فضفاض بعض الشيء ولكن يحكمه العرف، فعلى سبيل المثال لا يعتبر القات داخل اليمن أو الصومال من المخدرات بينما تصنفه أغلب دول العالم كذلك.



ولنبدأ باستعراض أنواع المخدرات من الأقل إلى الأكثر انتشارا …
10. المذيبات العضوية (Solvents)

بالطبع ليست نوعا تقليديا من المخدرات ومع ذلك فهي بين الأكثر انتشارا .. نتحدث هنا عن المواد التي تضاف للصمغ اللاصق وعن الأسيتون والكلوروفورم والبنزين وغيره من المشتقات البترولية .. كل هذه المواد تستعمل لإحداث تأثيرات عصبية مخدرة عبر استنشاقها تتراوح ما بين الدوخان والهذيان والفتور – أو ما يعرف بين العامة بـ(الانسطال) – وتصل إلى الهلوسة والاغماء.



استعمال هذا النوع من المخدرات شائع بين أطفال الشوارع والمشردين لرخص ثمن هذه المواد وسهولة الحصول عليها، فعلى سبيل المثال بقيمة أقل من عشرة سنتات أمريكية يحصل أطفال الشوارع في العديد من مدن العالم على أنبوبة غراء إطارات الدارجات تكفي لتخدير عشرة منهم حيث يضعون جزءا من الغراء داخل كيس بلاستيكي ثم يقومون باستنشاقه ولذلك ينتهي العديد منهم مصابين بأمراض الرئة المزمنة إضافة لتأثير هذه المواد الهيدروكربونية القاتل على خلايا المخ مسببة اختلالا في وظائفها ابتداءا بضعف الذاكرة مرورا بتضاؤل وظائف الدماغ العليا كالقدرة على النطق والتفكير وانتهاءًا – حماكم الله – بالشلل.
9. المشروم السحري (Magic Mushroom)

هذا النوع من المخدرات يضم 190 نوعًا من الفطريات المختلفة معظمها ينتمي للجنس (Psilocybe) وتشترك جميعها في احتواءها على مادة السيلوسايبن (psilocybin) التي تتحول بدورها في جسم الإنسان إلى مادة السيلوسين (psilocin). مادة السلوسين هذه لديها تأثيرات عصبية ونفسية عديدة أهمها الهلوسة البصرية والسمعية وحتى الحسية وبالتالي تخرج متعاطيها من الواقع وتدخله قي عالم خيالي تماما. هذا المفعول الغريب والاستثنائي جعل العديد من المجتمعات البشرية منذ عصر ما قبل التاريخ تستخدم هذا الفطر في الطقوس الدينية والعلاج “الروحاني” توهما منهم بأن له قدرات سحرية في فصل الروح عن الجسد. ووجدت نقوش عدة في مواقع أثرية تايعة للحضارة القبصبة في (طاسيلي ناجر) في شمال افريقيا تشير لذلك تعود لأكثر من ستة آلاف سنة قبل الميلاد ، كما استخدم في حضارات أخرى قديمة كحضارة الأزتيك في أمريكا الوسطى.



يتم تعاطي هذا الفطر بتناوله طازجا أو جافا أو حتى مطبوخا! ورغم أن تناوله يؤدي في بعض الأحيان إلى أمراض نفسية كصدمات الرعب (Panic attacks) والتوهمات الارتيابية (Paranoid delusions) ورغم أن سميته في بعض الأحايين قاتلة على الفور إلا أن تعاطيه لا يزال شرعيا في عدد من دول العالم مثل اسبانيا والنمسا ، أما هولندا – المعروفة بسياستها المتحررة جدًا إزاء ما تسميه المخدرات الخفيفة (Soft drugs)- فمنعت هذا النوع من المخدرات عقب سلسلة من الحوادث المؤلمة أشهرها تلك الطالبة الفرنسية التي قفزت من شرفة الفندق التي كانت تقيم فيها مع زملاؤها الذين كانوا في زيارة طلابية لامستردام عقب الهلوسة الشديدة التي اعترتها بسبب تناولها لهذا الفطر الضار.
8. الأفيون (Opium)



الأفيون هو المادة المجففة التي تستخرج من السائل المطاطي للثمار غير الناضجة لنبتتة الخشخاش والتي تعرف علميا بـ(بابافير سومنيفيرم) (Papaver somniferum) ، هذا السائل يحتوي على العديد من المركبات القلوية أهمها تلك المسببة للادمان: المورفين والكودين. يشكل المورفين ما نسبته 12% من السائل الأفيوني وهو أقوى مركباته الطبيعية ، ويتم تحويره صناعيا لاستخراج مواد أفيونية اخرى ذات تأثير أقوى كالهروين والبيثيدين أو تأثير أضعف مثل الترامادول. كل مشتقات الأفيون ذات تأثير تخديري فهي مزيلة للألم ومرخية للعضلات وتسبب انخفاضا في مستوى الوعي ورغبة في النوم مع شعور بالنشوة والسعادة (Euphoria) ، أما أضرارها فمنها الفشل في التنفس وتوقفه – لتأثيرها السلبي على مركز التنفس في الدماغ – واضطراب في وظائف القلب وقد تودي الجرعات الكبيرة بمتعاطيها إلى الغيبوبة ، ولعل الضرر الأكبر يتمثل في قابليته العالية للأدمان عليه واعتماد وظائف الجسم كليا على جرعته بحيث إن فقدها يصاب الشخص بالاضطراب والقلق والتوتر وعدم القدرة على النوم والعصبية وانعدام التركيز وآثار أخرى على القلب والجهاز الهضمي.



تعود أقدم الأدلة على استخدام الشعوب القديمة للأفيون لما قبل 1500 سنة من الميلاد في الهند ولكن يعتقد أن استعماله بدأ قبل ذلك بكثير للأغراض العلاجية ، أما استعماله كمخدر في العمليات الجراحية فكان على يد العالم الجليل أبو بكر الرازي في القرن الثامن الميلادي ومن بعده أبو القاسم الزهراوي الذي نقل هذه الطريقة إلى الاندلس ومنها إلى أوروبا ، أما ابن سينا فذكر الأفيون في كتابه الشهير (القانون) كأفضل مزيل للألم. وفي القرون السابقة – قبل تجريم تعاطي الأفيون – كان المتعاطون في أوروبا والصين وغيرها يذهبون إلى أماكن خاصة تسمى (بيوت الأفيون) حيث يتعاطونه أكلا أو تدخينا أو يخلطونه بالكحول ويشربونه في منظر مخز مثير للاستياء الممزوج بالشفقة كما في الصورة أعلاه.


<

وكما هو معلوم فقد وفرت الظروف غير المستقرة التي عاشتها أفغانستان طيلة العقود الماضية الملاذ الآمن لزراعة الخشخاش وتجارة الأفيون حيث تنتج ما نسبته 70% من الانتاج العالمي له ، ويباع الكيلوجرام الواحد منه في مناطق الانتاج بـ 3 آلاف دولار بينما يصل سعره في مناطق الاستهلاك – خصوصا الولايات المتحدة الأمريكية – إلى أكثر من 16 ألف دولار مما يبين بوضوح كم هي مربحة تجارة الموت هذه. الجدير ذكره أنه يحق قانونا زراعة مساحات صغيرة ومحددة من الخشخاش تحت رقابة القانون لاستخدام أفيونها في صناعة الأدوية ، وأغلب هذه المزارع القانونية موجودة في الهند وتخضع لإشراف مباشر من كبريات شركات الأدوية العالمية.
7. LSD



قد لا يكون هذا العقار المخدر معروفا كثيرا في عالمنا العربي لكنه من أوسع أنواع المخدرات انتشارا في الغرب ، ويصنف على أنه من أقوى العقاقير المسببة للهلوسة إن لم يكن أقواها على الإطلاق. الحروف الثلاثة للـ LSD ترمز لاختصار اسمه الكيميائي (Lysergic acid diethylamide) بالألمانية ، واخترعه عالم الكيمياء السوسري ألبرت هوفمان عام 1938 أثناء عمله على المواد المستخلصة من فطر الارجوت (Ergot) الطفيلي.

كان هدف هوفمان من البحث انتاج دواء محفز للتنفس فخرج بهذا النوع الجديد من المخدرات الذي جربه ابتداءا على نفسه ووصف هذه التجربة بقوله “إحساس غامر بالضيق والضجر ممزوج بقليل من الدوخان أعقب ذلك إحساس مثير من التخيلات المتدفقة التي تشبه الأحلام ، كل الأشكال تصبح أكثر حدة والألوان تصبح أكثر وضوحا ، بعد ساعتين من الخيالات الملونة تلاشى كل شيء”.



في أعقاب ذلك تم انتاج الـ(LSD) كدواء يستخدم في العلاج النفسي وفي المساعدة في الإقلاع عن الكحول ، ولكن نظرا لأنه يسبب الهلوسة المفرطة بالإضافة لما بدأ يحققه من انتشار غير قانوني بين العامة خصوصا أثناء الحفلات الموسيقية في عقد الستينات من القرن الماضي تم حظر استعمال هذا الدواء في الولايات المتحدة عام 1968 للأغراض الطبية وتم تصنيفه من المخدرات وتجريم حمله. يتم ترويج الـ(LSD) على هيئة حبوب أو على صورة طوابع صغيرة تنقع في محلول هذه المادة ، ولأن هذا المخدر قوي جدا فإن مايكروجرامات بسيطة من هذه المادة تحدث تأثيرات رهيبة بمجرد وضعها على اللسان.



الشيء الغريب أنه لا توجد تأثيرات مضرة طويلة المدى للـ(LSD) على الجسم عدا عن بعض الحالات القليلة التي نتج عنها أمراض نفسية تشبه الشيزوفرينيا ، كما أنها لا تسبب الإدمان ، إلا أن ضررها الأساسي يكمن في أن تغييبها لعقل المتعاطي وسلبها لقدرته على التعامل مع الواقع يضعه ويضع من حوله في خطر عظيم نتيجة غياب تركيزه وفقدانه القدرة على التحكم بالأمور ، فهذه الهلوسة المجنونة تقود صاحبها إلى خرق القوانين والتعدي على الغير وارتكاب الكثير من الأقعال الحمقاء ، والكثير من المتعاطين عندما يقيقون ويعودون إلى واقعهم يجدون أنفسهم في حالة مزرية إما مرميين على الطرقات أو في أقسام الشرطة أو على أسرة المستشفيات.
6. الباربيتيورات والبنزودايازبين (Barbiturates / Benzodiazepines)



هذه المرة سنتحدث عن عقارات طبية تمامًا ، فالدواءان المذكوران في غاية الأهمية في علاج العديد من الأمراض العصبية مثل الصرع وكذلك الأمراض النفسية مثل التوتر الحاد وصدمات الرعب ، ومفعول العقارين متماثل فهما مهدئان ، مزيلان للتوتر وجالبان للنوم ، ويعملان عن طريق تثبيط وتخفيض الإشارات العصبية في الجهاز العصبي المركزي.

تاريخيا الباربيتيورات أقدم من البنزوديازبين لكن الأخير أكثر انتشارا في هذه الأيام ، وأكثر أنواعه شهرة هو الديازبام الذي يعرف تجاريا باسم الفاليوم (Valium) والذي يستعمل بشكل واسع لعلاج الأرق والمساعدة على النوم ، إذن كيف تحول هذان الدوائان المفيدان إلى سادس أكثر أنواع المخدرات انتشارا ؟



المشكلة الأساسية لهذين العقارين هما قابليتهما العالية للإدمان ، ففترة قصيرة من الاستعمال المنتظم لهما تجعل الجسم في حالة اعتماد كامل عليهما بحيث يحدث القلق والاضطراب وانعدام القدرة على النوم والتركيز بدونهما ، وأغلب المدمنين هم مرضى سابقون عولجوا بهذه العقاقير ومن ثم فشلوا في الاقلاع عنها ، كما يكثر الأدمان عليها بين الأطباء والعاملين في الحقل الصحي لأن لهم القدرة أكثر من غيرهم على توفيرها ، ولمفعولها الإدماني العالي تخضع هذه الأدوية لضوابط مشددة من سلطات الصيدلة في البلدان المختلفة فلا تصرف للمرضى إلا بروشتة معتمدة وبكميات محسوبة

ليست هناك تعليقات